نص القرار
: حيث يستفاد من مستندات الملف، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بتاريخ 2017/05/17 بالمحافظة العقارية بالنواصر تحت رقم 63/267 والذي أحيل على المحافظة العقارية عين الشق بعد إحداثها، طلب (ع.ش) ومن معه (10 أشخاص) تحفيظ الملك المسمى “…” الواقع بعمالة إقليم النواصر، والذي هو عبارة عن أرض فلاحية والمحددة مساحته في 88 آرا و42 سنتيارا، لتملكهم له بالإرث من والدهم (م.ش) حسب الإراثة عدد 379 بتاريخ 2005/05/10 ورسم الملكية عدد 462 المؤرخ في .2006/04/29 فورد على المطلب المذكور عدة تعرضات منها التعرض المقيد بتاريخ 2008/05/02 (كناش 63/2 عدد 298) الصادر عن (ع.س) مطالبا بقطعة أرضية مساحتها 200 متر مربع آلت إليه شراء من موروث طالبي التحفيظ (م.ش) بمقتضى العقد العرفي المصحح الإمضاء بتاريخ .1978/09/18 وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء وإسناد طالبي التحفيظ النظر للمحكمة مع اعتبار مشترى المتعرضين منحصرا نسبيا في الحصة الموروثة للبائع، أصدرت حكمها عدد 17 بتاريخ 2016/05/03 في الملف 2015/26/25 بعدم صحة التعرض المذكور، استأنفه المتعرض وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعلاه من المستأنف في الوسيلة الأولى بفساد التعليل؛ ذلك أن المحكمة خلصت في قرارها إلى أن التعرض المقدم يرمي إلى المطالبة بحقوق في العقار موضوع مطلب التحفيظ آل إليه عن طريق الشراء بعقود عرفية أبرمت خلافا لأحكام القانون رقم 90/25 المنظم للتجزئات العقارية؛ والحال أن هذه العقود أبرمت قبل صدور القانون المذكور ودخوله حيز التنفيذ، وأن الفصلين 58 و72 من القانون المذكور لا يمكن أن يسريا على العقود التي سبقت صدوره، وأن القانون لم ينص على سريانه بأثر رجعي ليشمل كافة العقود المبرمة قبل صدوره. وأن الفصل 306 من قانون الالتزامات والعقود المستدل به من المحكمة والذي ينص على أن الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج أي أثر وحدد الحالات التي يكون فيها الالتزام باطلا ومن بينها إذا قرر القانون في حالة خاصة بطلانه، فإن هذا الفصل يبقى بعيدا عن التطبيق في هذه النازلة على اعتبار أن القانون الخاص الوارد في الفصل المذكور والذي يمكن تحديده في الفصل 72 من قانون 90/25 حدد الأطراف التي لها الحق في إثارة بطلان العقود المخالفة لهذا القانون في كل ذي مصلحة أو من الإدارة. وأن المحكمة بتقريرها بطلان العقد المدلى من الطاعن تكون قد خرجت عن حيادها. حيث صح ما عابه الطاعن على القرار؛ ذلك أنه علل قضاءه بأن التعرض المقدم: “يرمي إلى المطالبة بحقوق في العقار موضوع مطالب التحفيظ آلت إليه عن طريق الشراء بعقد عرفي ابرم خلافا لأحكام القانون رقم 90/25 المنظم للتجزئات العقارية الذي ينص على أن كل بيع أو قسمة يكون هدفهما أو يترتب عليهما تقسيم عقار إلى بقعتين أو أكثر غير معدة لإقامة بناء عليها يتوقف على الحصول على إذن سابق للتقسيم عملا بالمادة 58 من القانون المذكور. ونصت المادة 72 من نفس القانون على أنه يكون باطلا بطلانا مطلقا عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون. وأن العمل القضائي لمحكمة النقض استقر على أن القانون رقم 90/25 أصبح ساري المفعول بأثر فوري منذ 1993/11/12 وحتى على العقود المنجزة قبله لكونها باطلة بطلانا مطلقا ويتعلق بالنظام العام. والثابت فقها وقضاء أن العقد الباطل هو والعدم سواء لا ينتج أي أثر ولا يصحح عملا بالفصل 306 من ق.ل.ع”. في حين أنه فضلا على أن القانون لا يطبق بأثر رجعي إعمالا لمبدأ عدم رجعية القانون من حيث الزمان، وأن القانون رقم 90/25 خال من أي نص يخول ذلك، فإن البطلان المنصوص عليه في هذا القانون هو بطلان خاص يتبع في شأنه النص الذي يعالجه، وأنه خلافا لما ورد بتعليل القرار، فإن مقتضيات الفصل 72 من القانون 90/25 ينص بصريح العبارة على أن دعوى بطلان عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، يثار من طرف كل ذي مصلحة أو الإدارة ولم يعط للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. وأنه لا اجتهاد مع وضوح النص. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما لم تعتبر ما ذكر وأثارت بطلان العقد تلقائيا يكون قرارها فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا بالتالي للنقض. لهذه الأسباب؛ قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه. وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط.
وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: مولاي العربي اليوسفي العلوي رئيس الغرفة – رئيسا. والمستشارين: المعطي الجبوجي – مقررا. وحفيظة بن لكصير وعبد اللطيف تجاني وجواد ااري أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيدة لبنى الوزاني وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أسماء القوش.
التعليق:
القرار موضوع التعليق يعالج نقطتين أساسيتين: * النقطة الأولى تتعلق بمبدأ عام يخص تطبيق القانون من حيث الزمان؛ ومؤداه عدم انسحاب القوانين الجديدة إلى الماضي واقتصارها على ما يقع من وقائع وتصرفات ابتداء من يوم نفاذها إلا ما استثني بنص خاص، والقانون المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية وتقسيم العقارات رقم 25/90 لم يخرج عن هذا المبدأ حفاظا على المراكز القانونية التي اكتسبها الأفراد في ظل القانون القديم وحماية لمبدأ آخر وهو مبدأ الاستقرار الواجب للمعاملات بين أفراد المجتمع وكفالة للحريات والحقوق المكتسبة. وهذا المبدأ لم يبق مجرد قاعدة قانونية بل ارتقى إلى مبدأ دستوري أقرته معظم الدول في تشريعاها ومنها الدستوري المغربي لسنة 2011 الذي نص في فصله السادس أنه ” ليس للقانون أي أثر رجعي”. وقد كرس المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) هذا المبدأ بخصوص قانون 25/90 في قراره عدد 1788 الصادر بتاريخ 2004/06/02 في الملف عدد 2002/1/1/3340 (غير منشور) بالقول بأنه: (صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه علل قضاءه بأن: “المشرع في المادة 72 من قانون 25/90 اعتبر أن عقود البيع المبرمة خلافا لأحكام هذا القانون باطلة بطلانا مطلقا. في حين أن عقد شراء موروثهم المعتمد في تعرضهم أعلاه أبرم في 1979/08/17 أي قبل تاريخ سريان العمل بالقانون المذكور في ،1992/06/17 الأمر الذي يكون معه القرار قد طبق عليه القانون المذكور بأثر رجعي دون وجود نص خاص فيه يخول ذلك، فجاء بذلك معللا تعليلا عديم الأساس القانوني، مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال”). * النقطة الثانية التي يعالجها القرار تتعلق بحكم خاص يهم الأشخاص الذين لهم حق التمسك بالبطلان في القانون 25/90 موضوع النقاش: كقاعدة عامة الفقه دأب على تقسيم البطلان إلى بطلان مطلق وبطلان نسبي، فإذا تخلف ركن من أركان العقد (الرضا، المحل والسبب والشكلية في بعض العقود) عد العقد باطلا بطلانا مطلقا، ويأخذ حكم المعدوم قانونا، وإذا تخلف شرط من شروط صحته (الأهلية، سلامة الإرادة) اعتبر البطلان نسبيا ويبقى تبعا لذلك العقد قابلا للإبطال متى تمسك بذلك من له مصلحة فيه. والسؤال المتفرع عن هذه القاعدة هو من يحق له التمسك بالبطلان المطلق؟ في سياق الرد على هذا السؤال، نؤكد أنه لا تلازم بين البطلان المطلق من جهة وبين النظام العام والإثارة التلقائية للبطلان المطلق من طرف المحكمة، من جهة التقرير السنوي لمحكمة النقض أخرى. فوصف (المطلق أو النسبي للبطلان) لا يعني بالقطع أنه من النظام العام ويمكن إثارته تلقائيا من طرف المحكمة، وإنما ينصرف وبالأساس إلى الأثر المترتب عن كل وصف من الوصفين المذكورين؛ فمتى وصف البطلان بأنه بطلان مطلق، فذاك يعني أنه لن يترتب على هذا العقد أي أثر ولا يمكن تصحيحه بالإجازة ولا يسقط بالتقادم. ومتى وصف بأنه بطلان نسبي، فهذا يعني أن العقد توافرت أركانه إلا أنه اختل شرط من شروط صحته، وبالتالي فهو يرتب آثاره بين طرفيه ويبقى ملزما لهما من حيث المبدأ، إلا انه مع ذلك يبقى قابلا للإبطال إذ يجوز للمتعاقد الذي تقرر البطلان لمصلحته بسبب نقص أهلية أو تعيب إرادة أن يطلب إبطاله، وهو بذلك قابل للإجازة والتصحيح وإذا سكت المعني بالبطلان مدة معينة فحقه في طلب البطلان قابل لأن يسقط بالتقادم. وهكذا وفي سياق القانون المطبق في نازلة الحال، نجد الفصل 72 من القانون جاء واضحا في ثلاثة أمور: – الأمر الأول أن البطلان المطلق لا يتقرر بإرادة منفردة، وإنما يتقرر بموجب دعوى اسماها المشرع في الفصل المذكور بـ “دعوى بطلان عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون”، وبالتالي فإنه لابد من مراجعة القضاء للتحقق من توافر موجبات البطلان المطلق. – الأمر الثاني أن المشرع لم يرتب جزاء البطلان المطلق إلا على عقود البيع والإيجار والقسمة وبالتالي تخرج عقود أخرى من هذا الحكم كالهبة والصدقة. – الأمر الثالث أن المشرع حتى وإن وصف البطلان بالمطلق، فإنه حدد من له الحق في رفع دعوى البطلان المطلق؛ بأن خول ذلك لكل ذي مصلحة أو للإدارة، ولم يعط للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، خلاف بعض التشريعات المقارنة التي لم تقتصر على وصف البطلان بالمطلق وإنما أضافت صراحة الإشارة إلى إمكانية إثارته من طرف المحكمة، من قبيل ذلك، الفصل 102 من القانون المدني المصري الذي جاء فيه: “إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك ذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول بالإجازة وتسقط دعوى البطلان بمضي 15 سنة من وقت إبرام العقد”. وبالتالي فإن مؤدى وصف البطلان المطلق للعقد الوارد في المادة 72 من قانون 25/90 ينصرف بالتحديد إلى عدم ترتيب هذا العقد لأي أثر وعدم إمكانية تصحيحه بالإجازة ولا التقادم، ولا يتعدى ذلك إلى إعطاء المحكمة إمكانية إثارته تلقائيا من طرفها طالما أن النص واضح ولا اجتهاد مع وضوح النص. سؤال فرعي آخر يطرح في هذا السياق يتعلق بمن هو المقصود ب “ذي المصلحة والإدارة”، وهل البائع أو المؤاجر (صاحب التجزئة) يدخل في زمرة ذوي المصلحة، الجواب بالنفي طبعا لان مناط رفع الدعوى هو المصلحة وصاحب التجزئة هو منتفع ولا مصلحة مشروعة له في هذا الطلب، وقد كان قانون 30 شتنبر 1953 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5-2142 ربيع الأول 1373 الموافق 13 نونبر 1953 التقرير السنوي لمحكمة النقض 2 0 1 9 261 بشأن تجزئة الأراضي وتقسيمها إلى قطع صغيرة أكثر وضوحا في هذه النقطة، إذ نص في فصله التاسع عشر على أنه: “إذا لم تراع مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا فيجوز العمل على فسخ رسوم البيع أو عقود الكراء أو القسمة بطلب من المشتري أو من المكتري أو من الإدارة، ويتحمل البائع أو الشريك في القسمة أو المكري صوائر فسخ الرسوم والتعويض عن الأضرار زيادة على التعويضات المدنية التي تفرض عليه أن اقتضى الحال ذلك”. وفي هذا السياق صدر حكم عن ابتدائية سلا بتاريخ 2004/12/17 في الملف رقم 2003/195 (منشور في كتاب قراءات في القانون العقاري وقانون البناء) قضى برفض طلب صاحب التجزئة الهادف إلى إبطال عقد بيع ابرمه مع المدعى عليه بعلة جاء فيها: “حيث استند المدعى في دعواه الرامية إلى بطلان العقد على مخالفة عقد البيع لمقتضيات قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية وتقسيم العقارات، ذلك أنه أبرم البيع دون الحصول على رخصة التجزئة، أو شهادة تثبت كون العملية لا تخضع لهذا القانون. وبالتالي فإن مقتضيات الفصل 72 من القانون أعلاه والتي ترتب البطلان يتعين تطبيقها اعتبارا لكون البطلان من النظام العام. وحيث إن ما استند عليه المدعي لا أساس له من الصحة، ذلك أنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 72 يتضح من الفقرة الأخيرة منها (…) بأنه محصور إثارته على كل ذي مصلحة أو الإدارة. وأن المدعي لم يثبت مصلحته في بطلان هذا البيع ولم يقم بتاتا بإرجاع هذا المبلغ له. وحيث إنه بالنظر لذلك، ولكون البيع قد أفاد المدعي ولم يضره ومن شأن التصريح ببطلان الإضرار بحقوق المشترية ليس إلا ومن تم فأمام انتفاء موجبات تطبيق الفقرة الأخيرة من الفصل 72 يكون الطلب غير مؤسس ويتعين التصريح برفضه”. أما المقصود بالإدارة فنرى أن المفهوم ينصرف إلى كل إدارة معنية بتنفيذ هذا العقد من محافظة عقارية والمصالح المختصة التابعة لإدارة التعمير وغيرها. ومن باب تزاحم العلل، كما يقال، تجدر الإشارة إلى أن المشرع في القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات أورد في بابه الثاني أحكاما تتعلق بإعادة هيكلة التجزئات غير القانونية والتي أنجزت دون الحصول على إذن سابق في ذلك (انظر الفصل 49 وما يليه من نفس القانون) بأن خول للدولة والجماعات المحلية بالنسبة لإعادة هيكلة التجزئات غير القانونية المعدة للسكن بأن تقوم بترع ملكية الأراضي اللازمة لمباشرة عمليات التقويم التي تقتضيها متطلبات الصحة والأمن والراحة العامة وفق أحكام القانون 7.81 المتعلق بترع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، ويساهم صاحب التجزئة ومالكو البقع الأرضية التابعة لها في مصروفات القيام بالتجهيزات غير المنجزة، وتوزع المساهمة المشار إليها أعلاه وتقدر وفق الأحكام المنصوص عليها في المواد 52 و53 و54 من هذا القانون. واالله ولي التوفيق